“حقل ظهر”.. صراع “الغاز” يضع كوكب الأرض على المحك

بقلم- حسين البدوي

دخل حقل “ظهر” المصري للغاز الطبيعي -الذي يقع على بعد 150 كيلو مترا تقريبا من شواطئ مصر- المرحلة الأولى من الإنتاج في فبراير من العام الجاري. وكانت شركة إيني الإيطالية قد أعلنت اكتشاف الحقل في العام 2015، وهو أكبر حقل غاز في البحر المتوسط وتقدر احتياطياته بنحو 850 مليار متر مكعب.

وقالت “شركة إيني” في بيان لها الشهر الماضي إن الطاقة الإنتاجية لحقل ظهر وصلت إلى 1.6 مليار قدم مكعبة يوميا، وإنها من المتوقع أن تصل لملياري قدم مكعبة يوميا بحلول سبتمبر المقبل.

ويدخل هذا الاكتشاف الضخم ضمن صراعات الثروة والنفوذ التي خلقتها حقول الغاز المكتشفة في شرقي البحر المتوسط بين دول المنطقة التي تعيش منذ سنوات توترات سياسية كبيرة، ووفقاً لتقديرات المسوح الجيولوجية الأمريكية، فمنطقة شرقي المتوسط تضم احتياطات استراتيجية ضخمة وصلت إلى ما يقارب 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز.

وبعد رحلة البحث عن المخاطر البيئية لحقل ظهر لم نحصل على دراسة واحدة أجرتها الحكومة المصرية لتقييم الأثر البيئي لمشروع حقل ظهر، كما أنه لم يتم الإعلان تفصيليا عن كل شئ كتأثير هذا المشروع على المياه البحرية والكائنات والهواء نتيجة الانبعاثات الصادرة ونوعيتها وتحديد مسارها.

وفي مقابلة لاستشاري الطاقة والبيئة وتغيير المناخ المصري، ماهر عزيز، تحفظ على التخوفات المُثارة من تنفيذ مشروع حقل ظهر ولكنه أكد أن “الخطورة المحتملة على الكائنات البحرية والمياه لم تقدر بشكل صحيح”.

وأوضح الاستشاري المصري أن وجود أي خطر جسيم على البيئة والصحة قد يزيد من احتمالية توقف المشروع فعليا. وهناك ثلاثة أنظمة بيئية لهذه المشروعات هي “المائي، والبري، والهوائي” وكل منها له اشتراطاته البيئية التي تحافظ على عوامل الأمان المقدرة له.

إن جميع المواد العضوية التي يمكن احتراقها كالزيت والفحم والغاز الطبيعي والفحم والتي بدأت تكونها منذ ملايين السنين وقبل تواجد الديناصورات على الأرض كانت عبارة عن بقايا النباتات والأشجار والحيوانات وغرقت في المستنقعات ودفنت تحت طبقات عديدة من الرواسب، وبعد تعرض هذه الرواسب إلى العديد من الضغط والحرارة تحولت إلى مواد غنية بالكربون، ورغم استخدامها على مدار سنوات عديدة في توليد الطاقة، إلا أن المخاطر والأضرار البيئية الكبيرة التي نتجت عنها أضحت واقعا يهدد استمرار الحياة البشرية والحيوانية والنباتية أيضا على كوكب الأرض دون أي كوارث تؤدي في النهاية إلى توقف الحياة.

الأمر تحول إلى الخطورة غير المحتملة خصوصا بعد ارتفاع درجات الحرارة بشكل هائل وسلبي غير مسبوق ومشاكل الاحتباس الحراري وفقد أنواع عديدة من الثروة الحيوانية والنباتية وهو ما يهدد حياة أجيالنا مستقبلا.

الأدهى أن الدول وخاصة في منطقة الشرق الأوسط تتسابق وتتصارع تجاه هذه المشروعات لجمع المزيد من الأموال الطائلة التي تنتج من هذه الاكتشافات دون النظر إلى مشكلة المحافظة على التوازن المناخي والبيئي أو مستقبل الحياة على الأرض.

متى يعترف العالم ويدرك مخاطر احتراق الوقود الأحفوري، هل نحتاج لمزيد من الكوارث بعد تلوث الهواء نتيجة احتراق الوقود الأحفوري الذي يخلف كميات كبيرة جداً من الغازات والجسيمات التي تعمل من خلال تراكمها في الغلاف الجوي على إفساد تركيبة الهواء وحدوث خلل في نظامه الأيكولوجي، وما يترتب عليه من المطر الحمضي والبرد الحمضي والضباب الحمضي والتي تسربت جميعها إلى التربه فتسمم الحياة في المحيط الحيوي الذي يشمل الإنسان والحيوان والنبات.

إن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 الذي يتكون عند احتراق الوقود الأحفوري في الهواء، قد ارتفعت في الغلاف الجوي خلال السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك بسبب تلك الكميات الهائلة من الوقود التي تحرقها المنشآت الصناعية ومحطات الوقود والمحركات ووسائل النقل، وتمثل نسبة غاز CO2 الملوثة للهواء حوالي 7ر% من كمية الغاز الموجود طبيعياً في الهواء وبسبب تلك الزيادة في نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء فلم تعد وسائل التخلص الطبيعي منه قادرة على مجابهة تلك الزيادة، مما يجعلنا نتوقف الآن وبسرعة أمام هذا التحدي الذي سيهدد دون شك دورة الحياة على الأرض.

ولابد أن نشير إلى أن علماء البيئة الذين حذروا من استمرار احتراق الوقود الأحفوري بهذا الشكل الحالي سيزيد من نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء لتصل للضعف تقريباً خلال العشر سنوات المقبلة ما يؤدي بالتالي على المدي الطويل لارتفاع حرارة طبقات الغلاف الجوي الملاصقة للأرض بشكل ملحوظ.

وفي حقيقة الأمر إن هذه التحذيرات ليست وليدة اللحظة، ففي تقرير أذاعته أكاديمية العلوم الأمريكية عام 1970م، قالت إنه من المتوقع ارتفاع حرارة الجو بمقدار درجتين أو 3 درجات في منتصف القرن القادم -أي نحو عام 2050- ومن الطبيعي أن ارتفاع الحرارة بهذا الشكل ستؤدي إلى انصهار أجزاء من طبقات الجليد التي تغطي القطبين وكذلك انصهار الجليد المغطي لقمم الجبال في بعض المناطق، مما سيؤدي لارتفاع مستوي سطح الماء في البحار والمحيطات وإلى إغراق كثير من حواف القارات بما عليها من مدن ومنشآت، بالإضافة لذلك فإن، الشواطئ والدلتا في كثير من دول العالم بما فيها مصر وغيرها سوف تغمر بالمياه كنتيجة لزيادة منسوب مياه البحار، والمحيطات.

يجدر الإشارة إلى أن من أهم الأضرار الناشئة عن الأكاسيد الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري هو ثقب طبقة الأوزون، ونتج عن ثقب تلك الطبقة الكثير من الكوارث سواء بالنسبة للإنسان والحيوان والنباتات؛ فبالنسبة للإنسان يؤدي وصول الآشعة الناتجة عن ثقب طبقة الأوزون إلى انتشار مرض سرطان الجلد، وحدوث تلف في الحمض النووي (D.N.A)، حدوث المياه البيضاء (الكتاركت) في العيون، حدوث أمراض متعددة بالجهاز التنفسي والأزمات الصدرية، النزلات الشعبية، ضعف الجهاز المناعي، وأمراض القلب والسرطان.