الطاقة المتجددة.. تجارة أم صناعة؟!

بقلم- حسين البدوي

يعد الموقع الجغرافي المميز الذي تتمتع به مصر ثروة كبيرة يجب استغلالها؛ حيث تقع مصر في نطاق الحزام الشمسي العالمي ما يمنحها 2900-3200 ساعة من آشعة الشمس سنويا كما يتراوح معدل سطوع الشمس بين 9 -11 ساعة في اليوم.

ورغم أن مصر من أوائل الدول التي اتجهت لاستخدام تكنولوجيا الحرارة الشمسية كطاقة نظيفة بديلة عن الوقود الأحفوري من بترول وفحم وغاز الطبيعي، إلا أنها من الدول المتأخرة في الاعتماد على الطاقة المتجددة من رياح ومياه وشمس، ومازال الوقود الأحفوري يمثل نسبة أكثر من 90% من مصادر الطاقة، وتستمر الحكومة المصرية في التوسع بمشاريع اكتشاف حقول الغاز الطبيعي والبترول وإنشاء محطات جديدة دون الأخذ في الاعتبار أي مخاطر بيئية تهدد استمرار الحياة على كوكب الأرض.

تنظر الحكومة لملف الطاقة المتجددة كمصدر دخل في إطار ما يعرف باسم “تجارة الطاقة المتجددة”، وليس من منظور الحفاظ على البيئة نظيفة ومواجهة التخوفات التي تهدد الأرض، لذا فإن المشروعات العملاقة التي أعلنت عنها الحكومة أكثر من مرة تخطو بالكاد خطوات السلحفاة ما يزيد من احتمالية توقف المشروعات فعليا.

في منتصف ثمانينيات القرن الماضي أعلنت الحكومة المصرية إنشاء هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وفي العام 2007 تبنى المجلس الأعلى للطاقة خطة تهدف لتغطية 20% من إجمالي احتياجات مصر من الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة بحلول العام 2027، وطرحت الحكومة العديد من المشاريع للاستثمار ويقدر عدد الشركات العاملة في مجال تصنيع واستيراد وتوزيع وتركيب سخانات المياه الشمسية نحو 20 شركة، وفي العام 2014 أصدرت الحكومة القانون رقم 203 لتحفيز الاستثمار بالنسبة لشركات القطاع الخاص في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة.

ولكن على الحكومة أن تدرك في هذا التوقيت أن فتح الباب أمام القطاع الخاص ليس هو الهدف الأكبر الذي يجب أن ننظر إليه، فعلى القيادة أن تدرك أهمية العمل على الحفاظ على البيئة والاستغناء عن الوقود الأحفوري والتوجه لضخ تمويل أكبر المشروعات القومية التي تعزز من استخدام الطاقة المتجددة كطاقة نظيفة، والاستفادة من الإمكانيات الطبيعية الهائلة من الطاقة المتجددة، وعدم الاكتفاء بطرح هيئة الطاقة الجديدة المناقصات التنافسية لشركات القطاع الخاص.

ولابد هنا أن نشير إلى قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإصدار القانون الموحد للكهرباء رقم 87 لسنة 2015 ولائحته التنفيذية، والذي يشجع الاستثمار في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة بهدف تحقيق أمن الطاقة، والاستدامة، والحوكمة للشركات والمؤسسات التابعة لقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة وخلق سوق تنافسي للكهرباء، وكذلك تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتخفيف من آثار التغيرات المناخية.

ومع ذلك يبقى الدور الأكبر على الحكومة في الاتجاه المباشر للتوقف عن دعم مشاريع الوقود الأحفوري، والانتقال إلى مشاريع الطاقة المتجددة، من خلال خطة للتحول التدريجي من المرحلة الحالية إلى مرحلة ذكية تستخدم التكنولوجيا الحديثة ونظم المعلومات للحفاظ على الأمن الحياتي والعمل على صيانة المستقبل.

ولعل ما تحتاجه بلدان العالم بشكل عام هو التكامل التكنولوجي بين الدول المتقدمة والنامية للترويج لاستخدام تطبيق الطاقة المتجددة في كافة المجالات وكذلك في القطاعات التجارية والسكنية مثل الفنادق والمستشفيات والمنازل، وهنا يجب الإشارة إلى تجارب الدول الرائدة في هذا المجال مثل: ” الصين، واليابان، وألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، والهند، وفرنسا، وأستراليا، وإسبانيا”.

جدير بالذكر أن مصر أنشأت أول محطة للطاقة الشمسية المركزة في العام 1913م ولكن توقف العمل بها تماماً، وتتمتع مصر بمسارات رياح ممتازة، إذ يصل متوسط سرعة الرياح في خليج السويس إلى 10.5متر/ثانية على ارتفاع 50 مترًا، كما تصل إلى 7.5 متر/ثانية على ارتفاع 80 مترًا على ضفتي نهر النيل وفي الصحاري الشرقية والغربية وأجزاء من سيناء، أما بالنسبة للمياه فإن السد العالي -الذي أنشئ في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر- يمر من خلاله نحو 11 ألف متر مكعب من المياه في الثانية الواحدة وتستغله الحكومة المصرية في توليد الطاقة من خلال 12 توربينة لتوليد الكهرباء، قدرة التوربينة 175 ميجاوات بقدرة إجمالية 2100 ميجاوات.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *