أرشيفات التصنيف: بيئة

د. عماد عدلي: بالشباب نستطيع مواجهة تغيرات المناخ في القرى والنجوع

تقرير- حسين البدوي
مع تزايد الوعي بمخاطر التغير المناخي ووصول درجات الحرارة في السنوات الأربع الأخيرة إلى معدلات مرتفعة، خرجت من عباءة المنظمات الدولية والمحلية حركات يقودها الشباب من أجل توسيع نطاق العمل المناخي لمواجهة الأثر المهدد للحياة على كوكب الأرض من خلال ما يترتب على التغيرات المناخية من نقص الغذاء وتلوث الهواء وموجات الطقس الحارة التي تضرب غالبية دول العلم.
ويكلف مواجهة التغير المناخي الحكومات مبالغ طائلة، لكن يبقى الهدف الأكبر هو الوصول لاقتصادات نظيفة أكثر قوة ومقاومة خلال السنوات القليلة المقبلة وإيقاف الارتفاع المستمر لدرجات الحرارة والوصول إلى انعدام الانبعاثات الغازية بخطة علمية مدروسة تتطلب من الجميع التكاتف والتعاون من أجل تنفيذها، سواء على مستوى الحكومات أو منظمات المجتمع المدني أو الأفراد، وفي كل ذلك يلعب الشباب دوراً مهماً للوصول إلى الهدف المنشود وهو ما يظهر جليا في إسهاماتهم الملموسة خلال السنوات الأخيرة.
ومن جانبه، قال د. عماد عدلي، رئيس مجلس أمناء المنتدى المصري للتنمية المستدامة، إن فكرة المنتدى نشأت منذ 7 سنوات وهو في الأساس وعاء فكري يجمع الناس للخروج بأفكار يتم طرحها على صانع السياسات لوضعها في اعتباره عند تشكيل رؤيته ووضع خطته.
وأضاف د. عماد عدلي في تصريح خاص أنه منذ العام 2012 استهدف المنتدى تحريك هذا الوعاء الفكري والانتقال لأماكن أخرى ليس فقط الخبراء الموجودين على مستوى الأمناء الخاصين به، ولذلك بذلنا مجهود لفتح قناة اتصال بيننا وبين الجامعات والمدارس في محافظات مصر.
وأشار د. عماد عدلي إلى أن المنتدى في العام 2013 قدم تقريرا عن حالة التنمية المستدامة في مصر وكان حينها 14 شخصا يعملون على التقرير، وبعد القمة الأولى للمناخ في العام 2014 عملنا بالتعاون مع اليونسكو لمحاولة تفعيل الإطار الأخلاقي للتعامل مع مشكلة تغير المناخ وبدأنا بالعمل مع شباب الجامعات وتم اختيار مجموعات منهم لحضور دورات تدريبية، والتركيز باستمرار على تعليم الشباب وأن يكون قادر على التأثير في المجتمع الذي يعيش فيه لصالح الحفاظ على البيئة ومواجهة تغيرات المناخ.
وأوضح د. عماد عدلي أن الهدف الأساسي كان زرع الحس لدى الشباب للعمل لصالح بلدهم وليس لصالح الفكرة فقط للتأثير على المحيط الذي يعيش فيه وبناء القدرات وتحسين مداركه وتشجيعه على إنشاء المبادرات وتمويلها، وبالفعل أصبح لدينا مجموعة كبيرة من المبادرات الشبابية على الأرض في كل محافظات مصر تعمل لإحداث التغيير وليس كمعظم الحركات التي تعمل وتظهر إعلاميا فقط ولا تغير في السلوك أو في الناس.
ولفت د. عماد عدلي إلى أن العمل مقسم باستمرار ومنذ اليوم الأول على 25% للضغط على الحكومات، و75 % لتغيير حياة الناس ومساعدتهم على مواجهة تغير المناخ، وفي مرحلة ما كنا نفكر بالاستعانة بالشباب أن نصل لهدف يرتكز على توقف مشاكل المناخ عند نسبتها وألا تزيد عن المعدلات التي وصل إليها كوكب الأرض.
ويعد المنتدى المصري للتنمية المستدامة، جسرا جديدا يسعى لتحقيق السياسات والأهداف لتحسين الوضع البيئي والاقتصادي والاجتماعي داخل الدولة، ويعمل المنتدى مع كل الفئات وعلى رأسها الشباب، واستهدف 60 قيادة جامعية من ممثلي 10 جامعات مصرية وتوصلوا في نهاية المشروع إلى تكوين لجان وأسر شبابية للتنمية المستدامة داخل جامعاتهم، إيمانا بأن رفع الوعي مع توافر الآليات والتشريعات والرؤى المستدامة هي السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة في مصر.

الطاقة المتجددة.. تجارة أم صناعة؟!

بقلم- حسين البدوي

يعد الموقع الجغرافي المميز الذي تتمتع به مصر ثروة كبيرة يجب استغلالها؛ حيث تقع مصر في نطاق الحزام الشمسي العالمي ما يمنحها 2900-3200 ساعة من آشعة الشمس سنويا كما يتراوح معدل سطوع الشمس بين 9 -11 ساعة في اليوم.

ورغم أن مصر من أوائل الدول التي اتجهت لاستخدام تكنولوجيا الحرارة الشمسية كطاقة نظيفة بديلة عن الوقود الأحفوري من بترول وفحم وغاز الطبيعي، إلا أنها من الدول المتأخرة في الاعتماد على الطاقة المتجددة من رياح ومياه وشمس، ومازال الوقود الأحفوري يمثل نسبة أكثر من 90% من مصادر الطاقة، وتستمر الحكومة المصرية في التوسع بمشاريع اكتشاف حقول الغاز الطبيعي والبترول وإنشاء محطات جديدة دون الأخذ في الاعتبار أي مخاطر بيئية تهدد استمرار الحياة على كوكب الأرض.

تنظر الحكومة لملف الطاقة المتجددة كمصدر دخل في إطار ما يعرف باسم “تجارة الطاقة المتجددة”، وليس من منظور الحفاظ على البيئة نظيفة ومواجهة التخوفات التي تهدد الأرض، لذا فإن المشروعات العملاقة التي أعلنت عنها الحكومة أكثر من مرة تخطو بالكاد خطوات السلحفاة ما يزيد من احتمالية توقف المشروعات فعليا.

في منتصف ثمانينيات القرن الماضي أعلنت الحكومة المصرية إنشاء هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وفي العام 2007 تبنى المجلس الأعلى للطاقة خطة تهدف لتغطية 20% من إجمالي احتياجات مصر من الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة بحلول العام 2027، وطرحت الحكومة العديد من المشاريع للاستثمار ويقدر عدد الشركات العاملة في مجال تصنيع واستيراد وتوزيع وتركيب سخانات المياه الشمسية نحو 20 شركة، وفي العام 2014 أصدرت الحكومة القانون رقم 203 لتحفيز الاستثمار بالنسبة لشركات القطاع الخاص في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة.

ولكن على الحكومة أن تدرك في هذا التوقيت أن فتح الباب أمام القطاع الخاص ليس هو الهدف الأكبر الذي يجب أن ننظر إليه، فعلى القيادة أن تدرك أهمية العمل على الحفاظ على البيئة والاستغناء عن الوقود الأحفوري والتوجه لضخ تمويل أكبر المشروعات القومية التي تعزز من استخدام الطاقة المتجددة كطاقة نظيفة، والاستفادة من الإمكانيات الطبيعية الهائلة من الطاقة المتجددة، وعدم الاكتفاء بطرح هيئة الطاقة الجديدة المناقصات التنافسية لشركات القطاع الخاص.

ولابد هنا أن نشير إلى قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإصدار القانون الموحد للكهرباء رقم 87 لسنة 2015 ولائحته التنفيذية، والذي يشجع الاستثمار في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة بهدف تحقيق أمن الطاقة، والاستدامة، والحوكمة للشركات والمؤسسات التابعة لقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة وخلق سوق تنافسي للكهرباء، وكذلك تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتخفيف من آثار التغيرات المناخية.

ومع ذلك يبقى الدور الأكبر على الحكومة في الاتجاه المباشر للتوقف عن دعم مشاريع الوقود الأحفوري، والانتقال إلى مشاريع الطاقة المتجددة، من خلال خطة للتحول التدريجي من المرحلة الحالية إلى مرحلة ذكية تستخدم التكنولوجيا الحديثة ونظم المعلومات للحفاظ على الأمن الحياتي والعمل على صيانة المستقبل.

ولعل ما تحتاجه بلدان العالم بشكل عام هو التكامل التكنولوجي بين الدول المتقدمة والنامية للترويج لاستخدام تطبيق الطاقة المتجددة في كافة المجالات وكذلك في القطاعات التجارية والسكنية مثل الفنادق والمستشفيات والمنازل، وهنا يجب الإشارة إلى تجارب الدول الرائدة في هذا المجال مثل: ” الصين، واليابان، وألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، والهند، وفرنسا، وأستراليا، وإسبانيا”.

جدير بالذكر أن مصر أنشأت أول محطة للطاقة الشمسية المركزة في العام 1913م ولكن توقف العمل بها تماماً، وتتمتع مصر بمسارات رياح ممتازة، إذ يصل متوسط سرعة الرياح في خليج السويس إلى 10.5متر/ثانية على ارتفاع 50 مترًا، كما تصل إلى 7.5 متر/ثانية على ارتفاع 80 مترًا على ضفتي نهر النيل وفي الصحاري الشرقية والغربية وأجزاء من سيناء، أما بالنسبة للمياه فإن السد العالي -الذي أنشئ في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر- يمر من خلاله نحو 11 ألف متر مكعب من المياه في الثانية الواحدة وتستغله الحكومة المصرية في توليد الطاقة من خلال 12 توربينة لتوليد الكهرباء، قدرة التوربينة 175 ميجاوات بقدرة إجمالية 2100 ميجاوات.

“حقل ظهر”.. صراع “الغاز” يضع كوكب الأرض على المحك

بقلم- حسين البدوي

دخل حقل “ظهر” المصري للغاز الطبيعي -الذي يقع على بعد 150 كيلو مترا تقريبا من شواطئ مصر- المرحلة الأولى من الإنتاج في فبراير من العام الجاري. وكانت شركة إيني الإيطالية قد أعلنت اكتشاف الحقل في العام 2015، وهو أكبر حقل غاز في البحر المتوسط وتقدر احتياطياته بنحو 850 مليار متر مكعب.

وقالت “شركة إيني” في بيان لها الشهر الماضي إن الطاقة الإنتاجية لحقل ظهر وصلت إلى 1.6 مليار قدم مكعبة يوميا، وإنها من المتوقع أن تصل لملياري قدم مكعبة يوميا بحلول سبتمبر المقبل.

ويدخل هذا الاكتشاف الضخم ضمن صراعات الثروة والنفوذ التي خلقتها حقول الغاز المكتشفة في شرقي البحر المتوسط بين دول المنطقة التي تعيش منذ سنوات توترات سياسية كبيرة، ووفقاً لتقديرات المسوح الجيولوجية الأمريكية، فمنطقة شرقي المتوسط تضم احتياطات استراتيجية ضخمة وصلت إلى ما يقارب 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز.

وبعد رحلة البحث عن المخاطر البيئية لحقل ظهر لم نحصل على دراسة واحدة أجرتها الحكومة المصرية لتقييم الأثر البيئي لمشروع حقل ظهر، كما أنه لم يتم الإعلان تفصيليا عن كل شئ كتأثير هذا المشروع على المياه البحرية والكائنات والهواء نتيجة الانبعاثات الصادرة ونوعيتها وتحديد مسارها.

وفي مقابلة لاستشاري الطاقة والبيئة وتغيير المناخ المصري، ماهر عزيز، تحفظ على التخوفات المُثارة من تنفيذ مشروع حقل ظهر ولكنه أكد أن “الخطورة المحتملة على الكائنات البحرية والمياه لم تقدر بشكل صحيح”.

وأوضح الاستشاري المصري أن وجود أي خطر جسيم على البيئة والصحة قد يزيد من احتمالية توقف المشروع فعليا. وهناك ثلاثة أنظمة بيئية لهذه المشروعات هي “المائي، والبري، والهوائي” وكل منها له اشتراطاته البيئية التي تحافظ على عوامل الأمان المقدرة له.

إن جميع المواد العضوية التي يمكن احتراقها كالزيت والفحم والغاز الطبيعي والفحم والتي بدأت تكونها منذ ملايين السنين وقبل تواجد الديناصورات على الأرض كانت عبارة عن بقايا النباتات والأشجار والحيوانات وغرقت في المستنقعات ودفنت تحت طبقات عديدة من الرواسب، وبعد تعرض هذه الرواسب إلى العديد من الضغط والحرارة تحولت إلى مواد غنية بالكربون، ورغم استخدامها على مدار سنوات عديدة في توليد الطاقة، إلا أن المخاطر والأضرار البيئية الكبيرة التي نتجت عنها أضحت واقعا يهدد استمرار الحياة البشرية والحيوانية والنباتية أيضا على كوكب الأرض دون أي كوارث تؤدي في النهاية إلى توقف الحياة.

الأمر تحول إلى الخطورة غير المحتملة خصوصا بعد ارتفاع درجات الحرارة بشكل هائل وسلبي غير مسبوق ومشاكل الاحتباس الحراري وفقد أنواع عديدة من الثروة الحيوانية والنباتية وهو ما يهدد حياة أجيالنا مستقبلا.

الأدهى أن الدول وخاصة في منطقة الشرق الأوسط تتسابق وتتصارع تجاه هذه المشروعات لجمع المزيد من الأموال الطائلة التي تنتج من هذه الاكتشافات دون النظر إلى مشكلة المحافظة على التوازن المناخي والبيئي أو مستقبل الحياة على الأرض.

متى يعترف العالم ويدرك مخاطر احتراق الوقود الأحفوري، هل نحتاج لمزيد من الكوارث بعد تلوث الهواء نتيجة احتراق الوقود الأحفوري الذي يخلف كميات كبيرة جداً من الغازات والجسيمات التي تعمل من خلال تراكمها في الغلاف الجوي على إفساد تركيبة الهواء وحدوث خلل في نظامه الأيكولوجي، وما يترتب عليه من المطر الحمضي والبرد الحمضي والضباب الحمضي والتي تسربت جميعها إلى التربه فتسمم الحياة في المحيط الحيوي الذي يشمل الإنسان والحيوان والنبات.

إن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 الذي يتكون عند احتراق الوقود الأحفوري في الهواء، قد ارتفعت في الغلاف الجوي خلال السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك بسبب تلك الكميات الهائلة من الوقود التي تحرقها المنشآت الصناعية ومحطات الوقود والمحركات ووسائل النقل، وتمثل نسبة غاز CO2 الملوثة للهواء حوالي 7ر% من كمية الغاز الموجود طبيعياً في الهواء وبسبب تلك الزيادة في نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء فلم تعد وسائل التخلص الطبيعي منه قادرة على مجابهة تلك الزيادة، مما يجعلنا نتوقف الآن وبسرعة أمام هذا التحدي الذي سيهدد دون شك دورة الحياة على الأرض.

ولابد أن نشير إلى أن علماء البيئة الذين حذروا من استمرار احتراق الوقود الأحفوري بهذا الشكل الحالي سيزيد من نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء لتصل للضعف تقريباً خلال العشر سنوات المقبلة ما يؤدي بالتالي على المدي الطويل لارتفاع حرارة طبقات الغلاف الجوي الملاصقة للأرض بشكل ملحوظ.

وفي حقيقة الأمر إن هذه التحذيرات ليست وليدة اللحظة، ففي تقرير أذاعته أكاديمية العلوم الأمريكية عام 1970م، قالت إنه من المتوقع ارتفاع حرارة الجو بمقدار درجتين أو 3 درجات في منتصف القرن القادم -أي نحو عام 2050- ومن الطبيعي أن ارتفاع الحرارة بهذا الشكل ستؤدي إلى انصهار أجزاء من طبقات الجليد التي تغطي القطبين وكذلك انصهار الجليد المغطي لقمم الجبال في بعض المناطق، مما سيؤدي لارتفاع مستوي سطح الماء في البحار والمحيطات وإلى إغراق كثير من حواف القارات بما عليها من مدن ومنشآت، بالإضافة لذلك فإن، الشواطئ والدلتا في كثير من دول العالم بما فيها مصر وغيرها سوف تغمر بالمياه كنتيجة لزيادة منسوب مياه البحار، والمحيطات.

يجدر الإشارة إلى أن من أهم الأضرار الناشئة عن الأكاسيد الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري هو ثقب طبقة الأوزون، ونتج عن ثقب تلك الطبقة الكثير من الكوارث سواء بالنسبة للإنسان والحيوان والنباتات؛ فبالنسبة للإنسان يؤدي وصول الآشعة الناتجة عن ثقب طبقة الأوزون إلى انتشار مرض سرطان الجلد، وحدوث تلف في الحمض النووي (D.N.A)، حدوث المياه البيضاء (الكتاركت) في العيون، حدوث أمراض متعددة بالجهاز التنفسي والأزمات الصدرية، النزلات الشعبية، ضعف الجهاز المناعي، وأمراض القلب والسرطان.